أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل (يو 10:10)

الكنائس مزدحمة جداً فوق العادة .. الجموع تتدفق عليها من كل جهة ، الكبار والصغار بملابس زاهية ، وعلامات السرور و دلائل الفرح تبدو على وجوههم ..
ماذا؟
هذه الليلة ليلة عيد .. عيد الميلاد ..
لكن ماذا لو أعطيت أن ترى ما لا تقدر العين البشرية أن تراه ..؟ سترى الرب العجيب .. سترى الرب يسوع الذى يحتفل بميلاده على الأرض كل هؤلء .. وياللغرابة ، سترى سمات الألم مرتسمة بعمق على وجهة الجميل ..

لماذا يتألم سيدى؟
لماذا يتألم فى هذه اليلة التى يحتفلون فيها بميلاده ..؟
لماذا لا يشارك كثيرين منهم افراحهم ..
لماذا .. لماذا .. ؟
كثيرين قد أدخلوا الألم الى قلبه ، وقد تكون أنت أيها القارىء واحداً منهم .. اَه .. كثيرون من الذين أتوا ليحتفلوا بميلاده .. كثيرون من الذين يضحكون ويصيحون ويستقبلون المعارف و الأصحاب ابتهاجاً بهذه المناسبة .. حبه العضيم الذى لا يزال يقدمه لهم !!

وقف يقرع طويلاً على أبواب قلوبهم .. ناداهم أن يفتحوا له .. قال لهم إنى أريد أن أسكن فيكم .. سأقدودكم إلى السماء .. سأنقذكم من الهلك الأبدى ..إننى احبكم .. احبكم بلا حدود ..

لكنهك أصموا أذهانهم .. قسٌوا قلوبهم .. رفضوا .. رفضوا أن يفتحوا له .. آه ، لهذا الرياء الذى فاق كا حد ..

احتقروا دعوته ؟ انشغلةا عنه ، ومع هذا فقد توقفوا عن أعمالهم ليحتفلون بميلاده .. رياء .. رياء .. يحتفلون بميلاده و هم غرباء عنه ..

كم يحزنون قلبه الوديع الذى يحبهم .. كم يكسرون قلبه بريائهم ، تماماً كما كسره سكان بيت لحم يوم أن ولد على أرضهم .. أو صدوا أبواب بيوتهم في وجهه ، ويسجل لنا الوحى ما حدث فى عبارة قصيرة مؤلمة ((واضجعته ( العذراء ) فى المزود اذ لم يكن لهما موضع فى المنزل)) (لو 2:7 ) . أيها القارىء .. هل أنت من هؤلاء ؟

هل تركته يقرع على باب قلبك ولم تفتح له ؟
نفوس كثيرة تركته يقرع دون أن تبالى مع انه يتودد كل منها .. مع انه يعلن لها ما بذله لأجل انقاذها ، مع انه يقول لها بطرق متعددة .

اعطنى قلبك .. لقد أحببتك .
انظرى لقد حملت خطاياك و عارك .. متُ بدلاً منك ..
لقد سددت كل ديونك لدى السماء .. لقد اشتريتك لى بثمن غالى جداً .. اشتريتك بدمى .. ألا تتأثرى من محبتى .. ألا ترحبى بى .

لماذا يرقضون حبه ؟

* البعض لا يريد أن يترك شهوة جسدية مسيطرة عليه ، أو لا يثق أن الرب يسوع يقدر أن يحرره منها .

* والبعض يهرب من الرب متصوراً أن مطالبه يصعب تنفيذها ، مع انه قبل أن يقول "احملوا نيرى" قال "تعالوا إلى وانا أريحكم" (مت 11:28 ) . فهو يريح النفس جداً فبل أن يطالبها بشىء .. ثم لقد تحدث عن نيره وحمله ووصفهما بإنهما نير هين وحمل خفيف ، الرب صادق بكل تأكيد و كل كانت له عشرة حقيقية معه يستطيع أن يشهد كما شهد القديس أنطونيوس قائلاً : [كل الوصايا ليست صعبة ولا ثقيلة بل نور حقيقي و سرور أبدى لمن أطاعها] .
قل تستصعب حياة الطهارة ؟ هل تظن أنك لن تقدر أن تصفح لمن أساءوا اليك ؟ تعال إلى الرب يسوع .. اجلس عنند قدميه كثيراً ، تحدث معه فى كل شىء وستختبر كيف يعطيك القداسة و المحبة ..

* البعض الآخر يبتعد متصوراً أن الحياة معه مكلفة جداً وتعنى خسارة مادية .. لا ينوى أن يترك الكذب حتى لا تقل أرباحه .. آه كم هو مخدوع من الشيطان لأن أموالاً لا يباركها الله لا يمكن أن تأتى ابداً باسعادة .. لكن طوبى لمن يتمتع بالرب يسوع .. الرب دائماً يسدد كل احتياجاته "الرب راعى فلا يعوزنى شىء" (مز 23:1 )

* والبعض لا ييتصور أن الرب سيرضى أن يدخل حياته وهو فى مثل هذا السوء .. مع أن الرب لم يختار أن يولد فى قصر فخم بل فى مذود محتقر .. مهما كان سوءك رحب بالرب ملكا عليك .. سيدخل قلبك ، سينظفه وسيجعله سماءً له.

أيها القارىء .. لقد ولد الرب يسوع لكى يمتعنا بملء السعادة .. فلماذا ننشغل عنه .. لماذا لا نجعله يهيمن على كل شئون حياتنا .. لماذا لا نقطيه دائماً المكان الأول في برنامجنا اليومى .. هل لأنه يحرمنا ؟ كلا .. كلا .. لقد وُلِد ليمتعنا .. حقاً سيحرمنا من لذات الخطية و لكنه سيمتعنا بما هو أعظم .. بحلاوته التى لا يعبر نعها .

اسمه "يسوع" الايم اليونانى من الاسم العبرى "يشوع" .. ان أول من حمل هذا الاسم في الكتاب المقدس هو الرجل الذى خلف موسى فى قيادة الشعب .. لقد وُلِد فى مصر " فى |أرض العبودية ، وعندما ولد أطلقوا عليه اسم "هوشع" .. أى "خلاص" ، لماذا ؟ لأن شعب الله كان يقاسى آلاماً شديدة وهو فى مصر ، لقد أذله فرعون زمرر حياته بعبودية قاسية ، ولهذا كانت بعض الأمهات يسمين أولادهن بايم "هوشع" أى "خلاص" ، و كأنهن يرددن : نريد الخلاص .. نريد أن نتحرر من فرعون .
نريد أن نتحرر من القيود ..
نريد أن نختبر الحرية ..

وسمع الله أنين الشعب ، وتدخل بقوته الجبارة ، وخلصه من فرعون بيده القوية و ذراعه المقتدرة ..

وغرق فرعون مع جنوده و مركباته فى عمق البحر .. وتحرر الشعب .. كم فرح وتهلل .. وتغير اسم "هوشع" "خلاص" الى اسم يشهد لتدخل الله وحبه لشعبه ، تغير ال اسم "يشوع" "يسوع باليونانى" الذى يعني " يهوه هوالخلاص" .. "الله هو الخلاص" .

وحمل الرب يسوع هذا الاسم لكى لا يغيب عن أذهاننا قط انه الاله المحب الذى ولد لكى يخلصنا ..

لقد ولد لكى يخلصك من خطاياك .. ولد لكى يحمل كل آثامك ويموت بدلاً منك ..
ولد لكى يسفك دمه لكى يمحو به جميع ذنوبك فلا تعاقب بسببها . وولد لكى يخلصك من كل قيود الخطايا و الحزن .. ولد لكى يريحك ، لكى يملأ فراغ قلبك .. لكى يمتعك بالسلام والطمأنينة .. وولد لكى يحررك من سيطرة ابليس القاسية ..

نعم هو قادر أن بغير حياة اى انسان يؤمن به و يخضع له .. نعم هو ملك له سلطان أن يحرر ويغير .. انظر ان اسمه ليس "يسوع" فقط بل "يسوع المسيح" .. المسيح هو لقب الملوك في العهد القديم (1صم 12:3 ، اش 45:1 )..

يسوع ملك .. ملك له سلطان يهرب مملكة ابليس .. تأمل معى ماكتبه الوحى عنه "جال يصنع خيراً ويشفى جميع المتسلط عليهم ابليس" (أع 10:38) .. ويدعو اسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم مت 1:21 .

يسوع ملك .. حين تحيا معه مسلماً له كل أمور حياتك يحررك من كل قيودك .. ربما تكون قد حاولت من قبل أن تتحرر من سلطان السجائر أو ادمان شىء معين أو خطية جنسية أو رباط عاطفى مدمر ، ولم تنجح .. لا تستسلم لليأس .. الرب ينادي كل مقيد مثلك .. "تعالوا الى وأنا اريحكم .. " (مت 11:28 ) .. يسوع ملك له سلطان أن يحرر .. وهو يريد أن يحررك .. تأمل معى أين ولد الرب يسوع .. لقد ولد في بيت لحم .. وعن ماذا تتحدث بيت لحم ؟ .. انها بلدة تتحدث عن التغيير المذهل الذى يجربه الرب يسوع للقولوب التى ترحب به ملكاً عليها .. "بيت لحم" حين ذكرت لاول مرة في الكتاب المقدس ارتبط ذكرها بموت راحيل ، الزوجة المحبوبة ليعقوب .. انها مكان الفراق و الدموع و الموت .. ولكن ماذا صار لها بميلاد الرب بها .. لقد حولها الى مكان الحياة .. نعم الرب يسةع يغير ... وحين يدخل قلباً متحجراً ميت الأحاسيس نحو الله فهو يحوله الى قلب يعرف كيف يصلى ويتعزى .. و حين يدخل قلباً حزيناً جرحته مواقف مؤلمه فى الماضى فهو يشفيه ويجعله قلباً ينبض بالفرح ويمتلىء بالحب ..

سؤال

والان قارئى الحبيب ، دعنى اسالك سؤالاً مباشراً .. ما موقفك أنت من مولود بيت لخم .. انظر معى لقد ذكر لنا الوحى ثلاثة مواقف مختلفة ..

1. هناك من تجاهلوا ميلاده .. "رؤساء الكهنة وكتبة الشعب" (مت 2:3) .. لاسف كانوا ملمين جداً بكلمات الوحى .. ولكن مجرد معلومات ملأت أذهانهم ، لم يتلامسوا بقلوبهم .. عرفوا معلومات عن يسوع .. لكن لم يعرفوه هو نفسه .. عرفا أين يولد لكنهم لم يذهبوا لمقابلته .. آه هذا هو الموت بعينه ..

2. وهناك من قاوموا مبلاده .. هيرودس أراد أن يقتله .. هيرودس ادومى الجنسية ، اى انه من نسل عيسو .. وعيسو رمز لمن يستسلم لرغبات الانسان العتيق ولا يكترث للأمور الروحية .. صديقى اذا شعرت أن بداخلك دافعاً لمقاومة الانجيل أو وصايا الرب يسوع أ شهادة خدامه ، فاعلم أن الذى يقاومه هو الانسان العتيق الذى بك .. لكن هيرودس لم يبق طويلاً .. لقد مات بعد ميلاد الرب بقليل .. ترى هل فهمت هذا الدرس ، اسمح للرب يسوع أن يدخل حياتك .. رحب به ملكاً عليك ، اخضع له .. وستجد أن الانسان القتيق لم يع له سلطان عليك .. اشبع بالرب ولن تقدر اغراءات العالم أن تجذبك اليها .

3. وهناك من كانوا عطشى لميلاده .. عرفوا انه الحل لكل مشاكلهم فبحثوا عنه وفتشوا عليه .. هؤلاء يمثلهم المجوس .. كانوا يطلبون يسوع ..قادهم نجم من السماء كما استعانوا بنبوات العهد القديم ليصلوا الى بيت لحم ليقابلو ملك الملوك .

أيها القارىء .. ان كنت لازلت تفتش عن الراحة و تبحث عن الحياة السعيدة مأنت تحتاج الى معرفة أعمق بالرب يسوع .. مثل المجوس أنت تحتاج الى الكتاب ليرشدك والى النجم ليقودك .. انت في احتياج الى كلمات الوحى الثمينة والى نور الروح القدس اللامع .. هيا ادخل الى مخدعك واقرأ ما كتبه الوحي عن الرب يسوع .. اقرأ وعيناك تتنقلان بين الكتاب و السماء .. تقرأ قليلاً ثم تصلى طالباً نور الروح القدس ، وتصلى قليلاً ثم تقرأ .. وهكذا ، سيضىء الروح الكلمات التى تقرأها و سيجعلها مؤثرة جداًعلى قلبك .. وسيظهر لك الرب يسوع وسيقودك لتتمتع به .. ولتشبع وترتوى بحضوره العذب ، ولتشفى بلمساته العجيبة ..

تأمل ، ماذا فعل المجوس عندما تقبابلوا مع الرب .. لقد "خروا وسجدوا وقدموا له هدايا" لقد لمسهم مجد المولود فحرك داخلهم ، شعروا بقوته ، احسوا بحبه .. لم يختبروا من قبل شيئاًمثل هذا .. ووضعوا في هدوء حياتهم عند قدميه..

ايها القارىء .. ماهو موقفك من مولود بيت لحم ؟ هل تتجاهله .. هل تقاومه .. أم مع المجوس ترحب به ملكاً عليك ؟؟

سيدى
أيها الملك الوديع ..
كم أنت عجيب فى حبك ؟
لقد أحببت المزود ..
لقد احببت كل من هم مثل المزود فى ردائته ..
لقد أحببتنى برغم كل مافى من عيوب ..
سيدى اعطى لقلبى أن يدرك مجد هذا الحب الفريد ..
أعطنى أن احب كما احببتنى ..
فأضع نفسى بجملتها بين يديك ..
وأسلمك كل أيام حياتي الباقية على الأرض ..
وأقول لك من كل قلبى ..
أنا .. أنا لك ..
أنا .. أنا للملك الذى أحب المزود ..
للملك الذى أحبنى ..